السبت، 22 سبتمبر 2012

جثمان ابتسامة

هناك أناس هواياتهم تتمثل في :
تدمير ممتلكات روحك ، وإبادة جيوش الصبر بداخلك ، و هد حصون التحمل فوق رأسك
و إحالة مدن بهجتك لأماكن خربة مهجورة
لن تجد الراحة طريقها إلى أنفسهم إلا بعد أن يقلبّوا صفحات الماضي ؛لنبش جراحك التي لم تلتئم بعد ، بل ويتمادون بفتقها أكثر فأكثر ، وسكب أطنانا من الملح عليها و هم يبتسمون لك بكل برود !
يستمتعون – كلما سنحت لهم الفرصة - برشقك بوابل من كلماتهم المسمومة التي
تصّدع جدران قلبك ، و تُضّخم طبلة الألم فيك التي لا تلبث أن تنفجر !
يستلذون عند رؤيتك مخذولا ، محطم الجناحين ، تتهاوى أنتَ و أحلامك البريئة الواحدة تلو الواحدة مرتطمين جميعا بقعر الخذلان .. فتنسى طموحاتك و أمنياتك .. صداقاتك و أهلك .. و حتى ملامح وجهك ..
تتوغل في النسيان أكثر فتنسى
حتى أدق التفاصيل الصغيرة .. كـَ " اسمك " و "ضحكتك" فكيف كان شكلها ؟ تجهل كيف كانت فيما مضى
بت تجهل جميع الكلمات و لا تفهم أي لغة
تتوشح الصمت على الدوام ..
و بينما تختلس لحظات مع نفسك تقف فيها مفكرا ..
( لم حدث لك كل هذا ؟ لم يعاملونك بهذه القسوة ؟ أنت لم تفعل لهم شيئا سوى التبسم في و جوههم ... )
تشهق بقوة
ويتجمد سيل الأسئلة ببقايا دماغك و تدور بداخله فكرة يتيمة
هذه هي .. ابتسامتك الصادقة إذن هي سبب شقائك ..
تعزم على التخلص منها فورا فتمضي إلى الطريق الرئيس تعرضها هناك للبيع .. تمكث طويلا لكن لا أحد يقبل شرائها منك ربما يعلمون قصتها و جلبها للحظ السيء .. أو ربما الخلل منك لأنك ما عدت قادرا على فهم كلماتهم ولا حتى إيمائاتهم !
أيًا كانت الأسباب فإنك تعود من حيث أتيت خالي الوفاض .. تتعثر أثناء سيرك بأرصفة اليأس و تتخبط بممرات الخيبة

ثم فجأة تطرأ بعقلكَ فكرة من العدم
تحث خطاك على الإسراع حتى تصل إلى المكان المنشود . تتمنى بداخل سرك " يارب أعني على استرداد ابتسامتي . أتوسل إليك يا الله لفترة قصيرة فقط " رغم يقينك أنه لم يعد هناك شيء يدفعك للابتسام لكنك تود فعل ذلك ؛ لأنك تعلم أنها ستكون المرة الأخيرة بالنسبة لك . تحمد الله أن أعاد صورتها ببالك . تسحب نفسا عميقا و تزفره - آهاتٍ موجعة -
قبل أن تجبر نفسك على نحت شقاء ابتسامة على شفتيك
لتنتزعها بعد ذلك قسرا .. تغسلها بدموع قلبك ، ثم تكفنها و تضعها في تابوت و تلقي به في يم ؛ عساها تضل الطريق و ما تهتدي إليك يوما ؛ فما عدت تبغيها و ما عاد أحد من الناس بحاجة إليها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق